responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 101
يَأْمُرُ بِالْمُنْكَرِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمَعْرُوفِ، وَالْمُؤْمِنُ بِالضِّدِّ مِنْهُ. وَالْمُنَافِقُ لَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا مَعَ نَوْعٍ مِنَ الْكَسَلِ وَالْمُؤْمِنُ بِالضِّدِّ مِنْهُ. وَالْمُنَافِقُ يَبْخَلُ بِالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ كَمَا قَالَ: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَالْمُنَافِقُ إِذَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِالْمُسَارَعَةِ إِلَى الْجِهَادِ فَإِنَّهُ يَتَخَلَّفُ بِنَفْسِهِ وَيُثَبِّطُ غَيْرَهُ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ، وَالْمُؤْمِنُونَ بِالضِّدِّ مِنْهُمْ. وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بَيَّنَ أَنَّهُ كَمَا وَعَدَ الْمُنَافِقِينَ نَارَ جَهَنَّمَ فَقَدْ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ الرَّحْمَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَهِيَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ وَذَكَرَ حَرْفَ السِّينِ فِي قَوْلِهِ: سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ لِلتَّوْكِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ كَمَا تُؤَكِّدُ الْوَعِيدَ فِي قَوْلِكَ سَأَنْتَقِمُ مِنْكَ يَوْمًا، يَعْنِي أَنَّكَ لَا تَفُوتُنِي وَإِنْ تَبَاطَأَ ذَلِكَ، وَنَظِيرُهُ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا [مريم: 96] لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضُّحَى: 5] سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ [النِّسَاءِ: 152] .
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَذَلِكَ يُوجِبُ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِأَنَّ الْعَزِيزَ هُوَ مَنْ لَا يُمْنَعُ مِنْ مُرَادِهِ فِي عِبَادِهِ مِنْ رَحْمَةٍ أَوْ عُقُوبَةٍ، وَالْحَكِيمَ هُوَ الْمُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ العدل والصواب.

[سورة التوبة (9) : آية 72]
وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْوَعْدَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَعَدَ بِالرَّحْمَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ تِلْكَ الرَّحْمَةَ هِيَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ. فَأَوَّلُهَا قَوْلُهُ: جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ بِهَا الْبَسَاتِينَ الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا الْمَنَاظِرُ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَهُ: وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَالْمَعْطُوفُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُغَايِرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَتَكُونُ مَسَاكِنُهُمْ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، وَمَنَاظِرُهُمُ الْجَنَّاتِ الَّتِي هِيَ الْبَسَاتِينُ، فَتَكُونُ فَائِدَةُ وَصْفِهَا بِأَنَّهَا عَدْنٌ، أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْإِنْسَانُ. وَأَمَّا الْجَنَّاتُ الْآخِرَةُ فَهِيَ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَسَاتِينِ الَّتِي قَدْ يَذْهَبُ الْإِنْسَانُ إِلَيْهَا لِأَجْلِ التَّنَزُّهِ وَمُلَاقَاةِ الْأَحْبَابِ. وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ قَدْ كَثُرَ كَلَامُ أَصْحَابِ الْآثَارِ فِي صِفَةِ جَنَّاتِ عَدْنٍ.
قَالَ الْحَسَنُ: سَأَلْتُ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ قَوْلِهِ: وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فَقَالَا: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، سَأَلْنَا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، فِيهِ سَبْعُونَ دَارًا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتًا مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيرًا، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ فِرَاشًا، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ مَائِدَةً، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ، وَفِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ وَصِيفَةً، يُعْطَى الْمُؤْمِنُ مِنَ الْقُوَّةِ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ مَا يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ أَجْمَعَ»
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا دَارُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ تَرَهَا عَيْنٌ وَلَمْ تَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَأَقُولُ لَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّهَا دَارُ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ دَارًا،
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي عَنِ الْجَنَّةِ مَا بِنَاؤُهَا فَقَالَ: «لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ وَحَصَاؤُهَا الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ. فِيهَا النَّعِيمُ بِلَا بُؤْسٍ وَالْخُلُودُ بِلَا مَوْتٍ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ»
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: / جَنَّاتُ عَدْنٍ بُطْنَانُ الْجَنَّةِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: بُطْنَانُهَا وَسَطُهَا، وَبُطْنَانُ الْأَوْدِيَةِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي يستنفع فِيهَا مَاءُ السَّيْلِ وَاحِدُهَا بَطْنٌ، وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ قَصَبَةُ الْجَنَّةِ وَسَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ الَّتِي فِيهَا الرُّسُلُ والأنبياء

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست